وضع داكن
07-10-2025
Logo
أسماء الله الحسنى - إصدار 2008 - الدرس : 014 ب - اسم الله الشافي 2
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
 

العلامات من تمام رحمة الله بنا:


أيها الإخوة الكرام؛ لازلنا في اسم الشافي، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا عاد مريضاً يقول له:

(( عن عائشة رضي الله عنها: كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أُتي بالمريضِ يدعو ويقولُ: أذهِبِ الباسَ ربَّ النَّاسِ اشْفِ أنتَ الشَّافي لا شفاءَ إلَّا شفاؤُك شفاءً لا يُغادِرُ سَقمًا. ))

[ صحيح البخاري ]

والحقيقة أن الله سبحانه وتعالى جلّت حكمته لولا أن جعل للأمراض أعراضاً لما أمكن الشفاء منها، لولا أن جعل للأمراض أعراضاً تدل عليها لما أمكن الشفاء منها، قال تعالى:

﴿ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16)﴾

[ سورة النجم ]

هذه آية واسعة جداً، لولا الأعراض لما اهتدى الإنسان إلى مرضه، لذلك تُعدّ أخطر الأمراض الآن الأمراض التي لا أعراض لها، كالأورام أحياناً، فلذلك من رحمة الله عز وجل أن للأمراض أعراضاً، وهذا طريق إلى الشفاء منها، هذه واحدة.
لو توسعنا قليلاً في فهم العلامات، نضج الفواكه لها علامات، وأي شيء في الأرض له علامات، وأي حدث في الأرض له علامات، فالعلامات من تمام رحمة الله بنا. 
 

التوحد في بنية الإنسان التشريحية:


شيء آخر؛ الإنسان له بنية موحدة، أي إنسان في أي زمان ومكان بنيته التشريحية واحدة، فقد يدرس الطبيب الطب في أمريكا، ويعالج المرضى في الصين، مكان الشريان، مكان العصب، بنية الأجهزة، البنية التشريحية للإنسان في أدق أدق التفاصيل واحدة، أماكن الأوعية، أماكن الأعصاب، أماكن الأجهزة، النسج كلها موحدة، ولولا هذا التوحد في بنية الإنسان التشريحية لما أمكن أن نتابع الطب في بلد، وأن نعالج المرضى في بلد، وأن نصنع الدواء في بلد، وأن نستخدمه في بلد، هذا كله ينضوي تحت اسم الشافي.
 

التئام النسج من آيات الله الدالة على عظمته:


شيء آخر؛ ثبات قوانين الجسم، الجسم له قوانين دقيقة جداً، فلولا هذا التوحد في الخلق لما أمكن أن يكون الشفاء للإنسان، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى كما بينت في لقاء سابق أن هذا المرض أحد الوسائل التي تكون ناجعة في تأديب الإنسان، وفي تربيته، وفي تقريبه من الله عز وجل.
شيء آخر؛ هناك قوانين دقيقة في الجسم، هذه القوانين الدقيقة أساسها أن النسج تلتئم إذا تمزقت، من قنن هذا القانون أن النسيج يلتئم إذا تمزق أحياناً؟ ذلك لأن بعض النسج في جسم الإنسان التي تؤكد عفة الفتاة لا تلتئم أبداً، فالتئام النسج من رحمة الله بنا، يكون الجرح يأتي الطبيب ويخيط هذا الجرح، بعد حين يلتئم الجرح، جميع النسج تلتئم بسبب أن الله قنن هذا القانون فهو الشافي.
العظم يلتئم، الخلية العظمية قد تنام ستين عاماً، فإذا صار كسر تستيقظ هذه الخلايا وتلتئم، ما دور الطبيب العظمي؟ يضع العظمة على العظمة فقط، وانتهى دوره، وتأتي هذه الخلايا وتستيقظ وتُسهم في التئام الجروح والكسور.
قضايا دقيقة جداً، ولقطات مؤثّرة جداً نكتشفها حينما نقول إن الله سبحانه وتعالى هو الشافي، فالتئام النسج من آيات الله الدالة على عظمته، لا يوجد إنسان يوجد عنده مركبة وتصاب بكسر في بعض أجزائها، يقول لك الخبير في إصلاحها: دعها تلتئم وحدها، هذا لا يكون في عالم المعادن إطلاقاً، أما في عالم خلق الإنسان، ولأن الله هو الشافي، النسج تلتئم، والذي يلفت النظر-كما قلت قبل قليل-أن بعض النسج لا تلتئم أبداً، لأن تمزقها دليل، ولا يمكن أن يُلغى هذا التمزق.
 

القوانين التي أودعها الله في الإنسان كلها تؤكد اسم الشافي:


هناك أشياء كثيرة نستفيدها من اسم الشافي، مثلاً الاحتياط الذي جعله الله في بعض الأجهزة، الكلية مثلاً فيها احتياط كبير، يستطيع الإنسان أن يعيش بكلية واحدة فالثانية احتياط كبير، أنا أتمنى أن الإنسان حينما يدرس الطب يدرسه في ضوء الإيمان، يجد أن هذه القوانين التي أودعها الله في الإنسان كلها تؤكد اسم الشافي.
من قال إن القلب إذا أردنا إصلاحه بعملية جراحية وأوقفناه عن طريق التبريد وبعد أن تنتهي العملية يُعطى القلب صعقة فيعود ويعمل؟ لو أن القلب إذا توقف لا يعمل انتهى العمل الجراحي كله، انتهى كل شيء اسمه عمليات القلب المفتوح، عمليات القلب المفتوح لولا أن الله أعطى القلب هذا القانون أنه إذا توقف أو إذا أوقف بفعل التبريد فالله سبحانه وتعالى سمح له أن يعمل بعد أن تأتيه صعقة كهربائية، لولا هذه القاعدة لألغي الطب في شأن جراحة القلب.
 

من تفكر في خلق السماوات والأرض وصل إلى الله سبحانه وتعالى:


إذاً لو أردت أن تتفكر في خلق السماوات والأرض لرأيت اسم الشافي واضحاً جداً في كل قانون قننه الله عز وجل، وفي كل نسيج صممه الله عز وجل، وفي كل خصيصة لأي عضو من أعضاء الجسم أودع الله فيه هذه الخاصة، أي أحياناً يقول طبيب قلب جراح: إن في القلب شرياناً يبدو أنه لا فائدة منه، لكن حينما تُسدّ بعض الشرايين يؤخذ هذا الشريان وهو من أمتن الأوعية، ويوضع مكان الشريان التالف، وكأن الله سبحانه وتعالى وضع في جسم الإنسان بعض قطع الغيار، وهذا من تمام خلق الله عز وجل، تؤخذ بعض الشرايين من مكان وتوضع في مكان، وحتى في الهيكل العظمي هناك أجزاء يمكن أن تُستخدم كقطع غيار، هذا الخلق الدقيق العظيم:

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)﴾

[ سورة التين ]

قال تعالى:

﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾

[ سورة الذاريات ]

الإنسان إذا تفكر في خلق السماوات والأرض وصل إلى الله، وصل إلى الله مُعظماً، مُكبِراً، خاشعاً، فإذا تفكر في جسمه فهو أقرب شيء إليه. 
 

من رحمة الله بالإنسان أنه جعل لكل داء دواء:


والله أيها الإخوة؛ لو أمضينا العمر كله في التدقيق في عجائب خلق الله في الإنسان لما كفى العمر للتفكر في خلق الإنسان، والآية واضحة جداً: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ أحياناً من الذي جعل هذا الدواء يفعل فعله؟ أي الدواء من رحمة الله بنا أنه جعل لكل داء دواء، والنبي عليه الصلاة والسلام حينما قال:

(( عن جابر: لكلِّ داءٍ دواءٌ فإذا أُصيبَ دواءُ الداءِ برِئَ بإذنِ اللهِ. ))

[ صحيح مسلم ]

هذا الحديث إذا قرأه إنسان مريض بماذا يشعر؟ يمتلئ قلبه أملاً بالشفاء، إلهنا وربنا من خلال نبيه ورسوله يقول: ((لكل داء دواء)) لو سمع هذا الحديث الطبيب ماذا يفعل؟ يجب أن يجتهد ليبحث عن الدواء، فإذا سمع هذا الحديث المريض امتلأ قلبه أملاً بالشفاء، وإذا سمع الطبيب هذا الحديث شعر بتقصيره حينما لا يجد لهذا الداء دواء، وقد خلق الله لكل داء دواء. 
 

حرص الإنسان على سلامة وجوده تقتضي أن يطبق تعليمات الصانع:


كما ذكرت من قبل الله عزّ وجل من خلال صحتنا يُربينا، يقربنا إليه، والإنسان كما تعلمون حريص على وجوده، وعلى سلامة وجوده، وعلى استمرار وجوده، وعلى كمال وجوده، وقد بيّنت من قبل أن حِرص الإنسان على وجوده يقتضي أن يحمي نفسه من الأخطار، وأن حرصه على سلامة وجوده يقتضي أن يطبق تعليمات الصانع، وأن حرص الإنسان على كمال وجوده يقتضي أن يقترب من الله عز وجل حتى يسعد بقربه، وأن حرص الإنسان على استمرار وجوده أي أن يربي أولاده ليكونوا استمراراً له بعد موته، فالله عز وجل حينما برمج الإنسان وفطره على حبّ وجوده، وعلى حبّ كمال وجوده، وعلى حبّ سلامة وجوده، وعلى حبّ استمرار وجوده، من أجل أن يكون الإنسان في أعلى درجة من السلامة والسعادة.
 

الطبيب المؤمن حينما يرى آيات الله في خلق الإنسان يذوب خشوعاَ لله:


أيها الإخوة؛ حدثني بعض الإخوة الأطباء أنه أحياناً إذا سُدّ شريان في القلب تنمو مجموعة شُرينات في مجموع أقطارها تساوي الشريان المسدود، وأنت لا تشعر، يوجد بالجسم آلية الشفاء الذاتي، فحينما يضعف عضو ينمو عضو آخر، حينما يضيق شريان ينمو شريان آخر، وهذا من آيات الله الدالة على عظمته، والطبيب المؤمن حينما يرى من آيات الله في خلق الإنسان يكاد يذوب خشوعاَ لله عز وجل.
شيء آخر؛ الكبد مثلاً، الكبد يقوم بمئات الوظائف، كل خلية من خلايا الكبد تقوم بكل الوظائف، فلو أن تشمع الكبد وصل إلى ثلثي الكبد، بل إلى أربعة أخماس الكبد، وجاء الطبيب الجرّاح واستأصل أربعة أخماس الكبد، الكبد يُعيد بناء ذاته في ستة عشر أسبوعاً، لو أن الطبيب الجرّاح استأصل بآلته الجراحية أربعة أخماس الكبد، الكبد يُعيد بناء ذاته في ستة عشر أسبوعاً، ذلك لأن كل خلية في الكبد تقوم بكل وظائف الكبد، ولو تعطّل كبِد الإنسان لكان الموت محققاً لأنه المَخبر، والمعمل الكيماوي في الجسم.
إخوتنا الكرام؛ التفكر في خلق السماوات والأرض أقصر طريق إلى الله، وأوسع باب ندخل منه على الله، وأنت حينما تتعرف إلى أسماء الله الحسنى، تقول اسم الشافي، الشافي جسمك مصمم للشفاء، الأمراض لها أعراض، البنية التشريحية للإنسان واحدة بشكل عجيب، الإنسان له شكل.
 

الله عز وجل منح الإنسان أحد صفاته وهي الفردية لكرامته عنده:


يقول بعض العارفين بالله: والله يا رب لو تشابهت ورقتا زيتون لما سُمّيت الواسع، يوجد بالأرض ستة آلاف مليون إنسان، لا يوجد إنسان يشبه الآخر، الإنسان فرد، وقد منح الله جلّ جلاله الإنسان أحد صفاته وهي الفردية، لأن الإنسان كريم عليه، لكرامة الإنسان عند الله، فالإنسان فرد في شكل وجهه، وفي قِوامه، وفي نمط حركته، فرد في قزحية عينه، لا يوجد قزحية عين في الأرض تشبه قزحية عين الآخر، حتى إن بعض البلدان الآن تأخذ صورة قزحية العين وتضعها على الجواز، ولا يمكن لهذا الجواز أن يُزوّر، بل إن بعض الأقفال التي صُنِعت لا تفتح إلا على قزحية العين، ومعنى ذلك أن هذا القفل لا يُفتح إلا من قِبل صاحبه، فقزحية العين هوية للإنسان.
رائحة جلده هوية له، لا يوجد إنسان له رائحة جلد تشبه رائحة جلد إنسان آخر، وعلى هذا الأساس يُبنى عمل الكلاب البوليسية، ولولا أن الإنسان يتميز برائحة جلد خاصة لما أمكن أن نستخدم الكلاب البوليسية التي تملك من حاسة الشم مليون ضعف عن حاسة شمّ الإنسان.
ونبرة الصوت هوية لك، لا يوجد إنسان في الأرض تشبه نبرة صوته نبرة صوتك، وهذا نستخدمه في الهاتف، فلان تعرفه من نبرة صوته.
الآن بلازما الدم، الزمرة النسيجية غير الزمرة الدموية، لكل إنسان زمرة نسيجية، هذا من تكريم الله للإنسان، جعله فرداً، فرد في قزحية عينه، وفرد في شكل وجه، وفرد في قِوامه، وفرد في رائحة جلده، وفرد في نبرة صوته، وفرد في زمرته النسيجية، وفرد في بلازما الدم، وفرد في بصمته، واكتُشف أخيراً أنه فرد في النطفة التي يملكها، لكل نطفة علامة يتميز بها، وعند الزوجة جهاز استقبال هذه العلامة، فما دامت هذه العلامة تأتيها تِباعاً فهذا زوجها، فإذا جاءت علامة أخرى فهذا مؤشر لوجود مرض في الرحم، إلا أن المرأة قادرة على أن تستقبل علامة أخرى بعد أربعة أشهر، أي العدة.
 

الإنسان فرد متميز لا أحد يشبهه فالله عز وجل واحد وواسع:


إذاً أيها الإخوة؛ الإنسان فرد، أما من أجل أن نفهم اسم الشافي، دققوا يوجد الآن  مُفارقة، هو فرد متميز لا أحد يشبهه، وفي الوقت نفسه ستة آلاف مليون، البنية التشريحية واحدة، مكان الشريان، مكان العصب، لولا أن الأعصاب لها أماكن محددة جداً أي عملية جراحية في الوجه تعني الشلل أحياناً، لكن معروف العصب هنا مكانه، الطبيب الجرّاح عنده مهارة فائقة في معرفة أماكن الأعصاب، وأماكن الأوعية والشرايين، إذاً البنية التشريحية الواحدة تؤكد اسم الشافي.
الآن الوظائف الفيزيولوجية في الإنسان تؤكد اسم الشافي، الآن استجابة الجسم للدواء، الجسم عضو نبيل يستجيب للدواء إذاً الله شافٍ، أي ما أوقع المرض فينا إلا ليكون المرض أداة قرب من الله عز وجل، ويأتي بعده الشفاء، فالله عز وجل شافٍ، أي هذه الأدوية من صمم هذه العشبة لتهدئة القلب؟ هناك أدوية مبطئة للنظم، هناك أدوية موسعة للشرايين، هناك أدوية مقوية لعضلة القلب، هناك أدوية تعطي الإنسان راحة نفسية، هناك أدوية مهدئة، هناك أدوية مسكنة، أي علم الأدوية علم قائم بذاته.
إذاً اسم الشافي تراه من وحدة الإنسان في بنيته التشريحية، ومن وحدة الإنسان في وظائفه الفيزيولوجية، بينما لكل إنسان هوية، هذا شيء دقيق جداً، أي يوجد وحدة تشابه البنية التشريحية والوظائف الفيزيولوجية في الإنسان تؤكد أن الله واحد، أن الخالق واحد، وأما التفاوت في شكل الإنسان، وفي خصائصه، وفي هوياته، تؤكد اسم الواسع، فالله واحد وواسع.
 

الله عز وجل قنن القوانين ليكون هناك أمل في شفاء الأمراض:


أيها الإخوة الكرام؛ اكتُشف الآن أن حبل السرر فيه دم، هذا الدم له خصائص مذهلة، يوضع هذا الدم في بنك باسم صاحبه، بعد سنوات، بعد عشر سنوات إذا تورمت بعض الخلايا في مكان، أو تعطّلت بعض الخلايا في مكان، يوضع هذا الدم في المكان نفسه، فإذا به يتشكل من الخلايا التالفة، أي إذا تعطلت خلايا نقي العظام المُصنّعة لكريات الدم الحمراء، يوضع هذا الدم في نقي العظام، هذا الموضوع اسمه الخلايا الجذعية، من أحدث الموضوعات، أي مكان لو استأصلنا بعض النسج وضعنا الدم مع الاستئصال تنمو خلايا من جنس الخلايا المحيطة بهذا الدم، وهذا الدم له ثمن باهظ جداً، والآن هناك بنوك للخلايا الجذعية، أي لدم حبل السرر.
إذاً الله عز وجل هو الشافي، أي كل جهود الأطباء لولا أن الله قنن هذه القوانين، أعطى هذه الخصائص لما كان من أمل في شفاء الأمراض، إذاً الله عز وجل هو الشافي.
 

تقدم علم الطب نتيجة كرامة الإنسان عند الله:


لذلك الحديث: ((لكل داء دواء)) يقرأ هذا الحديث المريض فيمتلئ ثقة بالشفاء، يقرأ هذا الحديث الطبيب فيشعر بالتقصير تجاه البشر، ينبغي أن نبحث عن شفاء لهذا المرض الآن، فإذا أصيب دواء الداء، معنى الطبيب حينما يصيب في تشخيص الداء قطع نصف المرحلة، فإذا أصيب دواء الداء قال: برئ بإذن الله، الطبيب له مهمتان، المهمة الأولى: أن يصيب في تشخيص الداء، وأن يصيب في وصف الدواء، فإذا جاء التشخيص صحيحاً، وجاء الدواء مناسباً برِئ، ولكن بإذن الله، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( عن أبي أمامة الباهلي: دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ. ))

[ صحيح الجامع: خلاصة حكم المحدث: حسن ]

أي أولاً: أعطاك ثوابت، أعطاك بنى تشريحية واحدة، أعطاك وظائف فيزيولوجية واحدة، أعطاك أدوية لها فعل في الأمراض، وهيأ أطباء، والأطباء من رحمة الله بالإنسان، وأنا أقول دائما أيها الإخوة؛ إن تقدم علم الطب لكرامة الإنسان عند الله، لأن الله هو الشافي، إلا أن مرض الموت لا شفاء له، هذا مرض لأنه بوابة الخروج، الإنسان كيف يخرج من الدنيا؟ يخرج بمرض الموت، قد يكون المرض في الكبد، وقد يكون في الكلية، وقد يكون في القلب، وقد يكون في الدماغ، وقد يكون بحادث، تارة سكتة دماغية، ومرة سكتة قلبية، ومرة احتشاء، هذه الأمراض التي هي أمراض الموت هي بوابة الخروج، والإنسان حينما يرى أنه لابد من أن يخرج من الدنيا هذا من أعظم المواعظ والعبر. 
 

على الإنسان أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم يتوكل على الله وكأنها ليست بشيء:


الآن: ((لكلِّ داءٍ دواءٌ فإذا أُصيبَ دواءُ الداءِ برِئَ-أي المريض-بإذنِ اللهِ)) إذاً ما الموقف الكامل حينما يصيب الإنسان مرض؟ الموقف الكامل أن أبحث عن طبيب متفوق، ولي مصطلح لطيف، ابحث عن طبيب مسلم حاذق ورع، لأنه ينصح، والدين النصيحة، الآن هذا الطبيب يصيب في وصف تشخيص الداء، ويصيب إن شاء الله في وصف الدواء، ثم توجه إلى الله أن يسمح لهذا الدواء أن يفعل فعله في الداء، هذا الموقف الكامل.
لذلك هذا ينقلنا إلى شيء مهم جداً في الإيمان، أنت يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، يجب أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، هذه بطولة، أن تذهب إلى أفضل طبيب، أن تستخدم الدواء بدقة بالغة وفق تعليمات الطبيب، ثم تتوجه من أعماق أعماقك إلى الله، يا رب: ((اشْفِ أنتَ الشَّافي لا شفاءَ إلَّا شفاؤُك شفاءً لا يُغادِرُ سَقمًا)) أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء، من السهل جداً أن تأخذ بالأسباب، وأن تعتمد عليها، وأن تنسى الله، وهذا واضح جداً في العالم الغربي، ألّهوا الأسباب، يأخذون بالأسباب ويعتمدون عليها، وينسون الواحد القهار، لكن الله يقهرهم أحياناً، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.
 

الأخذ بالأسباب من الدين:


الإنسان من ضعفه إذا أخذ بالأسباب يعتمد عليها وينسى الله، ويوجد مسلمون مقصرون لا يأخذون بالأسباب، وهم عصاة، لذلك كأن الطريق الأمثل هو طريق عن يمينه وادٍ سحيق وعن يساره وادٍ سحيق، فالإنسان إذا أخذ بالأسباب واعتمد عليها وقع في وادي الشرك، وإن لم يأخذ بالأسباب وقع في وادي المعصية، ففي حنين قال الصحابة في أنفسهم:

(( لن نُغلب من قِلة. ))

[ صحيح الترمذي ]

معهم سبب الكثرة فقال تعالى: 

﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25)﴾

[ سورة التوبة ]

فالأخذ بالأسباب من الدين،

(( عن عوف بن مالك الأشجعي:  قضى بيْن رجُلَينِ، فقال المقضيُّ عليه لَمَّا أدبَرَ: حَسْبيَ اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ يَلومُ على العَجزِ ، ولكِنْ عليك بالكَيسِ، فإذا غلَبَك أمرٌ، فقُلْ: حَسبيَ اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ. ))

[ سنن أبي داود: خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]

يجب أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، يجب أن تُعالج عند الطبيب، يجب أن تذهب إلى طبيب متفوق، أن تستخدم الدواء بعناية بالغة، وفي الوقت نفسه يجب أن يمتلئ القلب رجاء من الله عز وجل أن يسمح للدواء أن يفعل فعله. 
 

الله تعالى إذا أخذ من المؤمن بعض صحته عوضه عليها أضعافا ًمن القرب منه:


لذلك: ((لكلِّ داءٍ دواءٌ فإذا أُصيبَ دواءُ الداءِ برِئَ بإذنِ اللهِ)) هذا الذي يقتضي الدعاء، والتوسل إلى الله عز وجل، ودفع الصدقات، مع الأخذ بالأسباب، هذا الموقف الكامل، هناك مثل يُقرّب الحقيقة: عندك سفر، راجعت المركبة مراجعة تامة، راجعت كل شيء فيها، وكلها جاهزة، الآن أخذت بالأسباب، الآن تتوجه بكل أعماقك إلى الله، يا رب أنت الحافظ، أنت المُوفّق، أنت المسلم في هذا السفر، أنت الرفيق في السفر، هذا شأن المؤمن في كل شيء يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ويتوكل على الله وكأنها ليست بشيء.
شيء آخر؛ الحديث القدسي الصحيح:

(( عن أبي هريرة: يا بنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني؟ قال: يا رب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين؟ قال: أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ أما علمتَ أنَّكَ لوعُدْتَهُ لوجَدتني عنده؟ ))

[ صحيح مسلم ]

والله أيها الإخوة؛ يوجد بالحديث ملمح يُذيب القلب محبة لله، أي الله عز وجل إذا أخذ من المؤمن بعض صحته عوّضه عليها أضعافاً مضاعفة من القرب من الله، ((أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟)) .
((يا بنَ آدمَ مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رب كَيْفَ أعُودُكَ وأنتَ ربُّ العالمين؟ قال: أمَا علمتَ أنَّ عبدي فلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ؟ أما علمتَ أنَّكَ لوعُدْتَهُ لوجَدتني عنده؟)) .
 

كل شيء في خلق الإنسان يؤكد اسم الشافي:


الإنسان حينما يبتليه الله بمرض كأنه فُتِحت له نافذة إلى الله عز وجل، فُتحت له نافذة إلى السماء:

﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)﴾

[ سورة البقرة ]

الأمراض، الحقيقة ماذا نستطيع أن نقول في اسم الشافي؟ كل شيء في خلق الإنسان يؤكد اسم الشافي، كل شيء حول الإنسان يؤكد اسم الشافي، كل شيء في بنية الإنسان التشريحية يؤكد اسم الشافي، كل شيء في وظائف الجسم الفيزيولوجية تؤكد اسم الشافي، كل دواء خلقه الله لهذا الإنسان يؤكد اسم الشافي، والآن الأبحاث الطبية تؤكد هذه الحقيقة، بعد حين يظهر دواء ناجع لبعض الأمراض المستعصية، إذاً الله عز وجل شافٍ. 

﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80)﴾

[ سورة الشعراء ]


الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

نص الدعاة

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور